1- ظاهرة متلازمة المرأة المضروبة

بدأت ظاهرة متلازمة المرأة المضروبة بالظهور كنظرية في السبعينيات من القرن الماضي عندما حاولت عالمة النفس المعروفة الدكتورة لينور ووكر شرح الحالة النفسية والإجتماعية للمرأة التي تعاني من العنف المنزلي في كتابه “المرأة المضطربة”، واستخدمت نظرية المرأة المضروبة لتعبير عن تطور مشكلة نفسية لدى النساء اللاتي يتعرضن للإيذاء المتكرر من قبل أزواجهن.

هذه المتلازمة ليست مرضاً عقلياً يصيب النساء المعتدى عليهن بل أنها نظرية تشرح سبب عجز المرأة وعدم هروبها من المعتدي عليها، ويمكن اعتبارها فرع من نظرية العجز المكتسب لـ مارتن سليجمان.

2- تعريف متلازمة المرأة المضروبة

هي حالة نفسية تصف نمطاً من السلوك الذي يتطور لدى ضحايا العنف المنزلي نتيجة لسوء المعاملة على المدى الطويل مما قد يؤدي إلى عجز مكتسب أو شلل نفسي حيث تصبح الضحية مكتئبة ومقهورة للغاية لدرجة أنها تعتقد أنها عاجزة على مقاومة المعتدي عليها، ويجتاحها شعور التمسك بالأمل في أن يتوقف المعتدي عليها في يوما ما عن ضربها، وتستمر هكذا طوال حياتها.

3- التاريخ القانوني لـ متلازمة المرأة المضروبة

في فترة السبعينيات بدأ عدد من المحامين استخدامه تلك النظرية كدفاع قانوني للنساء اللاتي تعمدن قتل أزواجهن بعد تعرضهن للضرب المستمر لفترات طويلة.

وهذه الحالة تفسر لماذا تعجز المرأة عن الإنفصال عن زوجها على الرغم من أنها غير قادرة على صد العنف الذي تتعرض له يومياً، ولا شيء يخطر على بالها لوضع حد لتلك المأساة سوى بأن تتخلص من زوجها وهو في حالة ضعف تام ويكون ذلك وهو نائم على سبيل المثال.

4- مراحل تطور متلازمة المرأة المضروبة

وضعت العالمة لينور ووكر نظرية لتطور متلازمة المرأة المضروبة حيث أوضحت أن الدورة تمر بثلاث مراحل وتظل تتكرر باستمرار بعد لا نهائي من المرات، ولا تتوقف إلا بتتخلى الضحية عن زوجها بأي شكل من الأشكال.

تستغرق الدورة من بضع ساعات إلى سنة أو أكثر حتى تكتمل مراحلها الثلاثة.

  • المرحلة الأولى: بناء التوتر

وفيها يقوم الزوج بسلوكيات تؤدي إلى توتر العلاقة، عن طريق خلق المشاكل البسيطة والتلفظ بألفاظ جارحة لها، في المقابل الضحية تحاول تقليل هذا التوتر بأن تصبح متساهلة ومتسامحة في حقها.

  • المرحلة الثانية : العنف الحاد

يصل التوتر إلى أقصى مدى له ثم ينفجر عندما يرتكب الزوج شكلاً من أشكال الإيذاء: الجسدي أو النفسي أو العاطفي أو الجنسي أو غير ذلك.

  • المرحلة الثالثة: المصالحة والهدوء

يحاول الزوج إصلاح أخطائه التي ارتكبها في حق زوجته ولا مانع لديه من تقديم اعتذاره عما حدث بل ويقسم لها بأنه لن يكرر ذلك حتى يكسب عطفها وحبها مرة أخرى. لتبدأ فترة من الهدنة تسمى بفترة شهر العسل، ولا يستمر الوضع كثيراً حتى تبدأ الدورة مرة أخرى من جديد.

مع استمرار تكرر الدورة، تبدأ الضحية في الشعور بأن الإساءة التي تحدث لها هي السبب فيها ولا أحد سواها، وتبدأ بكل شجاعة في تحمل المسؤولية عن سوء معاملتها من قبل زوجها لكنها في النهاية لا تستطيع أن تفهم سبب استمرار الإساءة إذا كان ذلك خطأها، إلى أن يتطور ذلك إلى “العجز المكتسب” وتكون حينها قد أصبحت مقتنعة تماماً بعجزها وبأنها لا يمكنها الفرار من هذا الإيذاء، لدرجة أنها عاجزة عن التفكير في كيفية إيقاف ذلك.

5- أسباب صمت من تعاني من متلازمة المرأة المضروبة :

  • لأنها تجد صعوبة في إلقاء اللوم على الزوج، لدرجة أنها تتحمل مسؤولية الإساءة كاملة لأنها تكون معتقدة أنها السبب في ذلك.
  • كما أنها تخشى على سلامتها في حالة محاولة وضع حد لذلك.
  • إنها تعتقد بشكل غير عقلاني أن الزوج يتمتع بالقوة المفرطة وسوف يؤذيها إذا اتصلت بالشرطة أو طلبت المساعدة.

6- أعراض متلازمة المرأة المضروبة

  • استسلام تام، مع تدني لإحترام الذات.
  • تصبح شخصيتها سلبية.
  • تبدأ في البحث عن مهرب ولا تجد سوى تعاطي المخدرات والمواد الكحولية.
  • نقص الوزن نتيجة لاضطرابات كثيرة في الأكل.
  • يكون لديها صعوبات في تكون العلاقات الشخصية.
  • ولديها مشاكل في التركيز، وتعاني من التشتت باستمرار.
  • تعاني من آلام في البطن وصداع مستمر مع إرهاق عام في الجسم.
  • الاكتئاب النفسي مع شعور بالعجز التام والتخطيط المستمر للانتحار.
  • الخوف والذعر من أي تغيير في حياتها اليومية.
  • فقدان القدرة على إدراك أي نجاح لأنها مقتنعة بأنها لن تحقق أي شيء إيجابي في حياتها.

في دراسة : أقل من 10٪ من النساء تفشل في العلاج ويعودون إلى مكانوا عليه مثلما يحدث مع الحالات التي تفشل في العلاج من الإدمان.

7- مراحل علاج متلازمة المرأة المضروبة

أولاً : يجب وقف العنف ضد مصابي متلازمة المرأة المضروبة، ثم توضع في مكان آمن بعيد تماماً عن الزوج بحيث يصعب عليه التواصل معها بأي شكل كان، ولا يمكن البدء في مرحلة العلاج قبل اتخاذ تلك الخطوة.

ثانياً: إذا كانت المرأة تعاني من أي إصابات جسدية يجب عرضها على طبيب مختص للقيام بعلاجها.

ثالثاً: العرض على طبيب نفسي مختص في علاج تلك الحالات والتي تعرف طبياً باضطراب ما بعد الصدمة PTSD.

يعمل الطبيب على معرفة التاريخ المرضي النفسي للمرأة وعائلتها ويبحث عن وجود مشاكل سابقة أو متراكمة أدت إلى شعور المريضة بتقبل الإهانة والاستسلام لها.

يقوم الطبيب بتقييم الحالة ووضع خطة شاملة للعلاج على المدى القصير والمدى الطويل لمساعدة المريضة في التخلي عن الاعتقاد بأنها السبب فيما حدث لها مع إعادة زرع الثقة في نفسها مرة أخرى.

في بعض الحالات يصف الطبيب المعالج مجموعة من الأدوية مثل مضادات الاكتئاب والقلق للبدأ في السيطرة على الحالة وتأهليها لدخول مرحلة العلاج.

وأيضاً من المفيد جداً أن تشارك المرأة في بعض الأنشطة المجتمعية حتى تبدأ في التواصل بسهولة مع الآخرين وكسر القيود التي تحيط بها نفسها.

من ناحية أخرى، سيكون من الأفضل أن تبدأ المرأة المضروبة في إتخاذ الإجراءات اللازمة للإنفصال عن زوجها حتى تكون متيقنة تماماً أنه لن يأذيها في أي وقت لاحق.

8- طرق علاج متلازمة المرأة المضروبة

يشمل علاج متلازمة المرأة  المضروبة العديد من طرق العلاج المختلفة، وتكون كالتالي:

  • العلاج النسائي

بما أن أهم شيء في العلاج النفسي إنشاء علاقة ثقة بين الطبيب والمريض، ولهذا يعتبر العلاج النسائي أسلوب حديث قائم على المساواة بأن تكون المريضة والطبيب المعالج من النساء، لأنها في الأساس تعاني من إنعدام المساواة مع الرجل فيساعدها ذلك على تقبل أنه لا يزال بإمكانها تغيير حياتها إلى الأفضل.

  • العلاج بالصدمات

في هذه المرحلة من العلاج يكون التركيز على التخلص من أثر الصدمات النفسية التي تعرضت لها المرأة، بأن يساعدها على استيعاب أنها ليست الوحيدة التي يتوجب عليها التعامل مع الصدمات واجتياز الحواجز النفسية التي تعاني منها، والأهم التأكد لها بأنها ليست في أي حال من الأحوال تعاني من الجنون أو في طريقها له.

ولهذا يبدأ الطبيب بالعمل على الأسباب الخارجية لمسببات الصدمة مثل الكلمات والعبارات السيئة التي كانت تسمعها وتستخدم بهدف إذلالها، حتى الملابس التي كانت ترتديها وقتها والمعطرات، وغيرها من الأشياء التي من الممكن أن تذكرها بما كان يحدث لها في الماضي، مما يساعدها على تخفيف أعراض متلازمة المرأة المضروبة.

  • العلاج بالتقنيات السلوكية

في هذه المرحلة من العلاج يكون التركيز على مساعدة المرأة على تطوير السلوك النفسي في التعامل مع الآخرين وعدم الخوف منهم، وتشمل عدة تدريبات على الاسترخاء، وعدم الإنفعال مع الوضع تحت الضغط بشكل تدريجي لتخلص الجذري من أثر الصدمات النفسية.

وعلى الرغم من أن هذه الصدمات لا تختفي بسهولة ولكن مع الوقت والصبر، وتهيئة المريضة إلى أن ليس كل الأشخاص سيئين مثل زوجها ممكن أن تعود كما كانت، وتستطيع أن تبدأ حياتها مرة أخرى.

  • العلاج عن طريق برنامج الخطوة

هو نوع آخر من البرامج النفسية وهو عبارة عن مزيج من العلاج النسائي والعلاج بالصدمات.

تم التحقق من صحة وفعالية هذا البرنامج المكون من 12 مرحلة علاجية على مجموعات كبيرة ممن تعرض للعنف الأسري، وهو برنامج علاجي مفيد جداً للنساء اللاتي يحاولن الانتحار.

9- المصادر:

 

بقلم : إبراهيم المحلاوي