حقوق الطفل في الاسلام كثيرة ومتشعبة فلم يُغفل ديننا الحنيف الحديث عنها، فلقد أعطى الله حقوقا للأطفال على والديهم مثلما منح الآباء حقوقًا على أولادهم، فالأطفال هم بهجة وزينة الحياة، لذا يسعى الوالدان بكامل طاقتيهما لتربية أطفالهم ليكونوا ذرية صالحة، فخرًا في حياتهم وذخرًا لهم بعد مماتهم، وقد أولى الإسلام اهتمامًا خاصًا بتربية الأطفال بطريقة سليمة، وإعطاء حقوقهم كاملة حتى يشب الصغير ويصبح عمادا للأمة.

مكانة الطفل في الاسلام

أدرك الإسلام منذ بزوغ فجره أهمية الطفولة، وأهمية أن ينشأ في أسرة سوية، وجعل له قائمة من الحقوق تكفل له حياة كريمة من قبل مجيئه وحتى شبابه.

أولت العقيدة الإسلامية اهتماما كبيرا بمرحلة الطفولة، لما لهذه المرحلة من أهمية في بناء بنيان الطفل وشخصيته بشتى جوانبها.

لا يمكن التغافل عن حقوق الطفل في الإسلام أوتجاهلها، فقد خطتها الشريعة الإسلامية حتى قبل أن تفكر الدول المتقدمة والأمم جمعاء في أي ميثاق لحقوق الطفل.

وضع الله المواثيق الخاصة بحقوق الطفل في الاسلام قبل أربعة عشر قرناً من الزمان بتبيان وتفصيل لم يورد حتى في تلك الأنظمة الحديثة.

اهتم الإسلام بشأن الطفل حتى قبل أن يولد ويأتي، فكان همَ الإسلام أن ينشأ ذلك الطفل في بيئة صالحة بأبوين صالحين.

اهتم بأن يختار الرجل أمًا لأطفاله صالحةً وذات دين وخلق، وأن تختار الزوجة أبًا يكون على قدر من الصلاح والدين وتحمل المسئولية لأولادها.

اهتم التشريع الإسلامي بحقه في الحياة من قبل أن يدرك معناها، فحرم إجهاضه في بطن أمه وحرم وأذاه بعد ولادته، وأوكل رعايته لوالديه وجعل ذلك مسئوليتهم.

حقوق الطفل في الاسلام

الحديث عن حقوق الطفل في الاسلام قد يطول ولكننا سنذكر هنا بعض قطرات من فيض ذلك ‏، فقد وصفهم الله في قرآنه الكريم بأجمل ما خطت به الصحف، أنهم زينة الحياة الدنيا، فهم بهجة الحياة وبراءتها وبهم حفظ الله ذرية بني آدم جيلا من بعد جيل. [1] [2]

  • حقوق الطفل في الاسلام قبل ولادته

اختيار الزوجين

حث الإسلام على ضرورة الدقة في اختيار الزوج لشريكة حياته وأم أبنائه، حتى تكون أما مربية تسعى لعون أولادها على صالح القول والعمل.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ”( متفق عليه). [3]

جعل كذلك للمرأة حقا في اختيار زوجها ذو الخلق والدين بقول رسولنا الكريم: “إِذَا خطب اليكمَ  مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ”. [4]

وضح الإسلام أن لكل من الأب والأم دور في بناء النشأ الصغير، واختيار الزوجين هو اللبنة الأساسية التي ستبنى عليها كل المسوغات الأخرى.

سيحقق الاختيار الأولي سعادة للزوجين وظروفا مستقرة لتربية فاضلة، ينعم فيها الأطفال بالأمن والسكينة.

اتباع السنة في المعاشرة الزوجية

اهتم الإسلام بمباركة وتحصين النطفة من الشيطان، وظهر ذلك في حث الرسول الكريم صلوات الله عليه على الدعاء عند الجماع.

يقول الرجل ويستحضر في نيته الدعاء ” اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا”، وهذا حق من حقوق الطفل في الاسلام وجانب من جوانب التربية الروحية المبكرة للطفل. [1][2]

حق الجنين في بطن أمه

حرم الله إجهاض المرأة لنفسها أو الإيذاء بجنينها بأي حال من الأحوال.

أباح الله للأم الحامل الإفطار من صيام شهر رمضان، رحمة بالأم وطفلها.

أوجب التشريع الإسلامي النفقة على الزوجة وحتى على المطلقة إن كانت حامل، يقول الله تعالى (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).[5]

  • حقوق الطفل في الاسلام بعد ولادته

جعل الإسلام للطفل بعد ولادته على والديه عددًا من الحقوق، أهمّها ما يلي: [1] [2]

البشارة: طالب الشرع الإسلامي بالاستبشار بالمولود كان ذكرا أم أنثى على حد سواء.

الآذان: الأذان في أذن المولود اليمنى سنة عن الحبيب صلوات الله عليه، والإقامة في أذنه اليسرى.

التحنيك: فقد حنك الرسول الطفل المولود بالتمر مع الدعاء له بالبركة.

حلق الرأس: حلق الشعر للطفل حق من حقوق الطفل في الاسلام، والتصدق بما يقابل وزنه بالفضة. تسمية المولود : جعل الإسلام واجبًا على الوالدين اختيار اسم حسن يحمل أو يصف صفات جميلة محمودة ونهاهما عن اختيار أسماء تجعلهم في حرج أو سخط على والديهم بعد كبرهم.

العقيقة: شرع الإسلام سنة ذبح عقيقة للطفل تُذبح عنه في سابع يوم بعد ولادته.

إتمام الرضاعة: من حقوق الطفل في الاسلام أن ترضعه أمه وتتم رضاعته؛ حتى يشب جسمه بشكل صحيّ وسليم.

الختان: جعل الإسلام للطفل حق الختان بعد الولادة، وهو أحد أساسيات الفطرة السليمة.

الرعاية: جعل الإسلام حق للطفل على والديه النفقة والكساء والرعاية والأمن والتعليم والتربية والرحمة والإحسان إليه.

العدل والمساواة: رعى الإسلام للطفل حقه في المساواة، بينه وبين إخوته وبينه وبين الآخرين وعدم الفرقة بينهم.

الميراث: جعل الإسلام للمولد حقا في الميراث، منذ وقت حلوله وولادته، وجعل له حقا في الوصية والهبة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” لقول رسول الله: “إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وُرِّثَ”.  [6]

حقوق الطفل في السنة النبوية

كما كانت التشريعات القرآنية منهاجا للمسلمين، كانت السنة النبوية نبراسا استنار به المسلمين في تبيان أمور حياتهم على نهج الرسول الكريم صلوات الله عليه، وكان لرسول صلّى الله عليه وسلّم الكثير من المواقف التي ربانا فيها وعلمنا فيها كيفية تعاملنا مع الأطفال، فلا تعارض بين التدين وحب الآخرة وحبنا وحناننا على أطفالنا ومن هذه المواقف : [7]

تقبيل الرسول الكريم أحفاده الحسن والحسين وحبه لهما، حتى أنه ذات مرة رآه رجل فاستغرب من حنان رسول الله مع الطفلين، فأخبر الرسول بأنه لديه أولادا يصل عددهم لعشرة ولكنه لم يقبل أحدهم قط، فكان جواب رسول الرحمة عليه : (مَن لا يَرحَمْ لا يُرحَمْ).

مراعاة مشاعر الصغير ومشاركته إياها، يُروى عن رسول الله أنه ذات يوم كان في زيارة لأنس ابن مالك، وكان له أخ صغير يسمى عمير، فوجده ذات مرة حزينا فسأل عن سبب حزنه، فعلم موت طائره، فحادث صلوات الله عليه الصغير مداعبا إياه، ومكنيا إياه كما يفعل الكبار ” يا أبا عمير ما فعل النغير”. [8]

إطالة السجود في إمامة رسول الله للمسلمين ذات مرة، وعند سؤاله عن سبب ذلك بعد الصلاة أخبرهم بأن حفيده قد امتطى ظهره ولم يشأ أن يقوم حتى ينزل، حبا وعطفا وحنانا بالأطفال صلوات الله عليه.

احترام الأطفال وتربيتهم على العزة، فذات مرة كان رسول الله يشرب من إناء، وكان على أحد جانبيه شيوخ كبار، وعلى الجهة الأخرى غلام صغير، فاستأذن الغلام في أن يعطي الإناء للشيوخ، فما كان من الغلام الناصح إلا أن قال “لا واللهِ لا أُوثرُ بنصيبي منكَ أحداً، فتَلَّه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في يدِه). [9]

المراجع

1.      رسول الله وحقوق الطفل http://iswy.co/e12189

2.      من حقوق الطفل في الإسلام  https://www.alukah.net/sharia/0/9186/

3.      روى البخاري ( 5090 )، ومسلم ( 1466 ) عن أبي هريرة

4.      روى الترمذي (1084)، وابن ماجة (1967) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

5.      سورة الطلاق، آية: 6.

6.      أبو داود: كتاب الفرائض (2920)، وابن ماجه (2750)

7.       مواقف نبوية مع الأطفالhttp://iswy.co/e124u3

8.       يا أبا عمير، ما فعل النغير؟ https://www.alukah.net/social/0/50746/

9.      رواه مسلم، في صحيح مسلم ) 2030(

بقلم : منى برعي