شرع الإسلام الخطبة للوعد بالزواج وهي من الخطوات الأولي التي يبدأ بها الخاطب وقد وضع لها الإسلام أركانا وشروطا، حيث أن شروط الخطوبة في الإسلام تعتبر ضوابط تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومنعا للاختلاط المحرم في ديننا الحنيف الذي يحفظ الإنسان من ممهدات الزنا وسوء الأخلاق، لذلك مع تشريع الخطبة وضع ديننا الحنيف منهجا للخطوبة ووضع شروطا لإتمامها.

1- مفهوم الخطوبة في الإسلام 

قال تعالى :

” ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم “(سورة البقرة -235) 

  • الفترة التي تسبق مرحلة عقد الزواج مابين الشاب والفتاة وهي عبارة عن اقتراح يقوم به الخاطب لأهل الفتاة فإذا تمت الموافقة كانت الخطوبة وعدا بالزواج ولها مدة زمنية يحددها كلا الطرفين.
  • ويطلق على الشاب والفتاة في هذا الوقت ” مخطوبان ” وليس زوجان، حيث تختلف الخطبة عن عقد الزواج وشكل العلاقة تماماً من حيث المشاركة في المسئوليات والواجبات.
  • ولأن الخطوبة هي فترة زمنية سابقة لمرحلة الزواج فإنها ليس لها مدة محددة، إنما تكون حسب الاستعدادات من قبل الطرفين، وتختلف باختلاف الثقافات والعادات للبلد والطائفة.

2- رسمية فترة الخطوبة  

لا تعطي الخطبة للطرفين أي حقوق فإنما هي مجرد اتفاق ما بين الطرفين على إتمام الزواج ولا تترتب عليها أيضا أي واجبات لكلا الطرفين، فليس هناك قانون ينص على ما يخص الخطبة فما هي إلا فترة تعارف.

3- تاريخ انعقاد الخطوبة 

فكرة الخطوبة ليست حديثة فهي موجودة حتى قبل الإسلام منذ أيام الإغريق الأولى، حيث كانوا أول من بدأ تقديم خاتم الخطوبة للوعد بالزواج، فقد كان للإغريق واليونانيين عادات وطقوس في الخطبة، ومنها تقديم الهدايا وعقدها لفظيا أمام الشهود، وهكذا حدث في اليهودية والمسيحية وإن وجد اختلاف في كيفية الخطبة.

4- عادات إتمام الخطوبة

  • تختلف عادات الخطوبة من بلد لآخر ومن دين لآخر كل على ثقافته وتشريعاته، فنجد الخطوبة في الدول الأوروبية تتم بين الشاب والفتاة فقط دون الحاجة لإعلان ذلك بشكل رسمي.
  • أما في الإسلام ولأن ديننا يحفظ كرامة الفتاة ويعظم حيائها، حيث يقوم الشاب باختيار الفتاة التي يرغب في الارتباط بها، ثم يذهب لولي أمرها ولا يكون ذهابه منفردا بل يصطحب معه أحد أقاربه أو أولياء أمره متحدثا في أمر الفتاة وطالبا يدها.
  • ثم يقوم ولي أمر الفتاة بالأسئلة والتحري عن أمر الشاب وعن أهله وأخلاقه فإن رآه خيرا أستشار ابنته ليكون لها الكلمة الأخيرة لأن الإسلام يحرم الإكراه في الزواج وتكون هذه الفترة ضمن إطار التعارف بين الطرفين وفق ضوابط الشريعة الإسلامية.
  • ولا توجب الخطبة في الإسلام حقوقا أو واجبات لأنها لا تنتمي لأي نوع من العقود فلا تمنح سوي حقا واحدا وهو انه لا جوز خطبة الفتاة بعد خطبتها من آخر لقول أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلمالمؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر” صحيح مسلم أي يترك خطيبته ويفسخ عقد الخطبة.
  • وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث وحدثنا ابن رمح أخبرنا الليث عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قاللا يبع بعضكم على بيع بعض ولا يخطب بعضكم على خطبة بعض” صحيح مسلم.

5- موانع الخطوبة في الإسلام

من شروط الخطوبة في الإسلام عدة موانع لإتمام الخطبة :

  • أن تكون الفتاة المطلوبة للخطبة ليست محرمة على الخاطب تحريم مؤبدا كأن تكون محرمة بالرضاع أو النسب أو المصاهرة وهي نفس أسباب تحريم الزواج.
  • ألا تكون الخطوبة في وقت إحرام أحدهما في حج أو عمرة لان ذلك ينافي مناسك الحج.

أن لا تكون في عقد زواج أو معتدة من طلاق أو وفاة ولها أحكام بحسب حالتها:

  • فإن كانت مطلقة طلاقا بائنا بينونة صغري: يجوز التعريض بخطبتها ولا يجوز التصريح إلا أن كان الخاطب زوجها.
  • فإن كانت مطلقة طلاقا بائنا بينونة كبري: يجوز التعريض ولا يجوز التصريح.
  • فإن كانت مطلقة طلاقا رجعيا فلا يجوز التعريض ولا التصريح لأنها مازالت في عقد الزواج، وذلك حتى تنتهي عدتها.
  • وإذا كانت أرملة يجوز التعريض بخطبتها ولا يجوز التصريح حتى تنتهي عدتها وفي ذلك مراعاة لأهل المتوفى ومشاعرهم.
  • ألا تكون المطلوبة للخطوبة في حكم الخطبة لشخص آخر لقول النبي صلي الله عليه وسلم “لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك” رواه البخاري.

6- ضوابط الخطوبة 

  • لا تحصل بينهما خلوة فهم في حكم الأجنبيين، كما لا تجوز النظرة من أحدهم للآخر إلا النظرة الشرعية التي تخلو من التمعن والخوض في النفس.
  • وأحلت النظرة الشرعية بقول فعن جابر رضي الله عنه قال الرسول صلى الله عليه وسلمإذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل” صححه الألباني في صحيح الترمذي وتكون في وجود الأهل.
  • ألا يكون هناك خضوعا في القول ولا يكون بينهما مصافحة أو نوع من الكلام إلا في مقتضي الضرورة، كما يلزم أن تكون الفتاة في حجابها ولباسها الشرعي.

7- مستحبات الخطوبة

  • إلا تكون مدة الخطوبة طويلة ما لم يكن هناك سبب لإطالتها.
  • إن يتم إشهار حتى تمنع الإشاعات وحتى يعلم الجميع بأمر خطبتها فلا يتقدم أحد فيخطب على خطبتها.
  • الاتفاق على متطلبات كلا الطرفين من البداية حتى لا تحدث شجارات أو منازعات فيما بعد.
  • يقوم البعض بقراءة سورة الفاتحة وهذا ليس من الدين أو السنة ولكن السنة أن يقال خطبة الحاجة لما روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال عبد الله بن مسعود علمنا رسول الله صلي الله عيه وسلم خطبة الحاجة.

8- الهدية في الخطوبة

من الأحكام المتعلقة بالخطوبة هي تبادل الهدايا، وهي من الأمور التي قد يقوم بها الطرفان للتودد والمحبة ولا يقصد منها يغضب الله ورسوله فلا مانع فيها ولا تحريم وأما عما يتعلق بها في حال فسخ الخطوبة فالآتي:

  • إذا قام الخاطب بفسخ خطبته فإن له أن يأخذ ما قدم من مهر فإن هلك وجب عليهم رد قيمته، وأما الهدايا فإنه يستردها أيضا وهذا قول جمهور الفقهاء.
  • لكن تختلف أحكام رد الهدايا بحكم عادات القوم وتقاليدهم بحسب التارك، فإن كان التارك هو الشاب استرد مهره أو قيمته ولا يسترد الهدايا.
  • وأما إن كانت الفتاة هي التي فسخت الخطبة فإنه لزم عليها رد مهر الخاطب وهداياه أو قيمتها إن هلكت.

9- أسباب فسخ الخطوبة

من شروط الخطوبة في الإسلام ألا يرجع الخاطب عن خطبته إلا لعيب أو ذنب فقد يرجع لكذب متعلق بها أو ارتكاب خطأ لا يليق بحقه فإن كانت رجعته عن الخطبة بدون سبب فإنها مكروهة، وتتمثل أسباب فسخ الخطوبة في:

  • الإطالة في فترة الخطوبة: من مستحبات الخطوبة القيام بتقصير مدة الخطوبة لأن إطالتها تتسبب في كثير من المشاكل بسبب تدخل الأهل لكلا الطرفين وتغيير الآراء والاختلاف، ويمكن تجنب هذه المشكلة بأن يعقد الرجل على الفتاة بعد الخطبة مع إبقائها في بيت أهلها، ولكنها تكون زوجته فلا يكون لأحد قدرة على التدخل أو التأثير على علاقتهما.
  • التفاهم والوضوح: فالاتفاق على كيفية تأسيس حياتهم وفق إمكانياتهم مع وضوح كلا الطرفين دون تصنع أو تكلف يساعد على إتمام الخطبة دون حدوث مفاجئات أو مشكلات تسبب فسخها.
  • الشعور بسوء الاختيار: هي أن يجد أحد الطرفين الآخر غير متوافق معه أي سوء اختيار بينهما ولا يعني هذا انه يلزم الاتفاق دائما ولكن هناك طباع قد يستطيع أحدهما التغافل عنها أو لا يستطيع حتى لا تتأسس حياة زوجية قائمة على لا شيء، ثم يحدث طلاقا فإن أبغض من فسخ الخطوبة هو الطلاق.

وإنما شرعت الخطوبة في الإسلام للتيسير والترفق فقد قال عبد الله بن مسعود عن النبيمن استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء” رواه البخاري ومسلم فالتيسير والترفق بحال الشباب والفتيات من صفات ورحمة الإسلام والالتزام بضوابط الخطوبة من التدين.

10- المصادر

 بقلم : رحاب خالد