1- ماهي الخطوبة

تعرف الخطوبة< بأنها وعد بالزواج. وتعد فترة الخطوبة من أهم الأوقات المميزة في حياة كل شاب وفتاة، ودائماً ما تحمل ذكريات سعيدة يسترجعونها بعد الزواج، ولكن الكثير من الشباب هذه الأيام يجهل الضوابط والآداب الشرعية لهذه الفترة، ولا يعرف ما يحل له وما يحرم عليه، لذلك سنحاول أن نلقي الضوء على الخطوبة في الإسلام، و إحياء آدابها في مجتمعنا.

2- الخطوبة في الإسلام

تعرف الخطوبة في الإسلام بأنها وعد بالزواج أو من مقدمات الزواج، وتتم بأن يطلب الشاب الفتاة التي يرغب في الزواج بها من ولي أمرها، وهي ليست بعقد، وغير ملزمة بأي شيء ولا يترتب عليها أي آثار فقد يتفقان وقد يختلفان فيتفرقا، حتى لو كان هناك قراءة فاتحة أو هدايا أو حتى لو تم تقديم مهر، فقال الله تعالى:”ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء” البقرة آية (٢٣٥)

ولقد شرعت الخطوبة في الإسلام حتى يتعرف كلاً من الشاب والفتاة على بعضهم البعض، ويعرفان الجوانب المشتركة بينهما، وأخلاق كل منهما، والمميزات والعيوب التي يتصف بها كل واحد منهما لكي يتجنبان الوقوع في الخداع والمشاكل في المستقبل، فالتناغم في الزواج هو راحة للبال وسكينة للقلب.. كما أن فترة الخطوبة تتيح السؤال والتحري حتى يطمئن الأهل على مستقبل أولادهم، وأنهم مع الشخص والنسب المناسب لذا لزم علينا معرفة ضوابط الخطوبة في الإسلام، و إحياء آدابها في مجتمعنا.

3- الضوابط الشرعية لفترة الخطوبة في الإسلام

يغفل الكثيرون في المجتمع عن بعض ضوابط الخطوبة في الإسلام  إما عن عمد أو جهل منهم بتلك الضوابط التي من أهمها : 

  •  النظر : يجوز أن ينظر الشاب والفتاة إلى بعضهما بشرط أن يكون هناك نية وقصد للزواج، والعزم عليه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:”إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امراة، فلا بأس أن ينظر إليها” رواه أحمد وابن ماجة. ويكون النظر إلى الوجه والكفين، لأن الوجه هو أجمل شيء في تكوين جسد الإنسان، والكفين فهما ظاهرين عادةً. ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:”إذا خطبَ أحدُكمُ المرأةَ فإنِ استطاعَ أن ينظرَ إلى ما يدعوهُ إلى نِكاحِها فليفعل” رواه أبو داود وأحمد. كما يجوز تكرار النظر إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
  • الكلام في فترة الخطوبة:  ليس ممنوع ولكن له حدود لا بد أن يلتزم بها كلا الطرفين، ويكون بغرض تحقيق الهدف وهو الزواج مع شرط عدم التجاوز في الحديث.
  • الخلوة : يحرم أن يختليان ببعضهما أو حتى يخرجان سوياً، ويجب أن يكون هناك دائماً محرم معهم. قال الرسول صلى الله عليه وسلم:”لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما” رواه أحمد والترمذي. كما يجب أن تلتزم المرأة بالزي الشرعي الذي لا يشف ولا يصف كما يجب إلا تتزين. يقول الله  سبحانه وتعالى: ” قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ” النور آية (٣٠)
  • المصافحة: لا تجوز المصافحة بينهما، بل يجب أن يحرصان على غض البصر قدر المستطاع.

4- آداب الخطوبة في الإسلام

للخطوبة آداب يستحب التمسك بها والحرص عليها من أهمها: 

  • صلاة الإستخارة

 صلاة الإستخارة من أهم آداب الخطوبة في الإسلام التي يجب أن يحرص عليها كل مسلم، فإذا صلى لا بأس أن يستشير اصاحب الخبرة من المقربين منه بغرض المشورة، فكما ورد عن جابر رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن” رواه البخاري. ويصلي الشاب والفتاة صلاة الاستخارة في أي وقت يريد، ركعتين وبعد التسليم يبدأ في الدعاء ويكون الدعاء كالتالي: “اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر “تسمي الأمر” خير لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري.” ولا يوجد أي حرج في تكرار الدعاء، ولا يشترط أن يرى الشاب أو الفتاة رؤيا، فالراحة النفسية تعد علامة على استكمال الأمر أو التراجع عنه.

  •  إختيار ذات الدين :

 لقد نبهنا الرسول صلى الله عليه وسلم على اختيار ذات الدين حينما قال:” تنكح المرأة لأربع لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك” رواه أبو داود والنسائي.

والمقصود بذات الدين أي المرأة المحافظة على تعاليم الدين، المواظبة على العبادات، فيجب على كل شاب أن يبحث عن فتاة متدينة تساعده على تكوين أسرة سعيدة وصالحة.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم:”خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك” رواه ابن جرير والبيهقي.

  •  حسن الخلق

حسن الخلق من الصفات الحميدة التي يجب التمسك بها، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الزواج من بعض النساء التي تخالف صفاتهن حسن الخلق وهما:

 الأنانة : وهي المرأة التي تمثر من التوجع والشكوى. 

المنانة : وهي المرأة التي تمن على شريك حياتها لو فعلت له أي شيء.

الحنانة: وهي المرأة التي تحن إلى زوجها السابق إذا كانت قد تزوجت من قبل.

الحداقة : وهي المرأة التي لا تمل من التحديق في أي شيء وتتمنى تملكه.

البراقة: وهي المرأة التي تقضي وقتها أمام المرآة من أجل التزين. 

الشداقة : وهي المرأة التي تكثر من الكلام الغير مفيد.

  • العائلة والنسب

يستحب أن يكون الشاب والفتاة من عائلة طيبة، ونسب معروف بالصلاح والتقوى، فإذا كان هناك رجلان، وتقدما لخطبته فتاة ويرى ولى أمر الفتاة أن درجتهما في الدين واحدة، فيجب عليه حينها أن يختار صاحب العائلة الطيبة معروفة النسب.

  •  الولود الودود :

يستحب أن تتقدم لخطبة الولود الودود كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم”. رواه أبو داود والنسائي.

  • تحقيق مصلحة المرأة

يجب على ولي الأمر الحرص على تحقيق مصلحة المرأة والمحافظة على حقوقها بأي طريقة كانت طالما لا تخالف شرع الله. 

5- حكم خِطبة امرأة مخطوبة 

لا يجوز خطبة امرأة مخطوبة لشخص آخر، تجنباً للخصومة والمفسدة التي قد تحدث بين الناس بسبب ذلك. قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنّه قال:”نهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، ولا يَخْطُبَ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ، حتَّى يَتْرُكَ الخاطِبُ قَبْلَهُ أوْ يَأْذَنَ له الخاطِبُ” رواه البخاري.

6- مدة فترة الخطوبة في الإسلام

لا يوجد أي نص ملزم بتحديد فترة الخطوبة، لكن يستحب إلا تكون الفترة طويلة طالما أنه لا يوجد سبب لذلك، كما أنها في الأساس كما قلنا سابقاً بأنها غير ملزمة، ويصح عقد الزواج بدونها.

7- توقيت يحرم فيه الخطوبة

لا يجوز للمحرم أن يخطب أثناء فترة إحرامه، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”لَا يَنْكِحُ المُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ” رواه مسلم.

8- الرجوع عن الخطوبة في الإسلام

يجوز العدول عن الخطوبة طالما سيقع ضرر على أحد الطرفين لأن في النهاية الهدف من الخطوبة التمهيد لبناء زواج صالح وأسرة كريمة يسودها الحب والاحترام.

9- إرجاع الهدايا 

والمقصود بالهدايا كل ما قدمه الخاطب إلى مخطوبته أثناء فترة الخطوبة، واختلف العلماء على حكم إرجاعها إلى: 

  • الرأي الأول: رأي الأحناف بأن يتم إرجاع كل الهدايا إلا ما قد تلف.
  • الرأي الثاني: رأي المالكية وقالوا بعدم إرجاع أي من الهدايا حتى لو كان التراجع من طرف الفتاة.
  • الرأي الثالث: رأي الحنابلة وقالوا بوجوب إرجاع الهدايا بعينها أو بقيمتها إذا كان هناك تالف
  • الرأي الرابع: رأى بعض العلماء بعدم استرداد الهدايا لو كان التراجع من قبل الرجل، وإرجاعها إذا كان التراجع من جانب الفتاة.

في النهاية: يجب أن نحرص على الالتزام بشروط الخطوبة في الإسلام، و إحياء آدابها في مجتمعنا  التي يتساهل فيها أغلب المجتمع الذي غدى يكسر تلك الأحكام ويستبدلها بعادات وتقاليد المجتمعات الغربية التي لا تناسبنا على الإطلاق، كما يجب أن نحرص على نشرها بين الشباب والفتيات ومن ليس لديهم علم بها حتى لا يقع أي منهم في أثم ويغضب الله 

 

10- المصادر :

بقلم : إبراهيم المحلاوي