1- هل أنت تعاني من ظاهرة العزوبية الأبدية ؟

هو شاب لا ينقصه شيء يعيش في مستوى إجتماعي جيد ويتمتع بحسن الخلق كما أنه ناجح في عمله، وهي فتاة جميلة ذات سمعة طيبة ومن أصل طيب وعلى خلق، لكن الإثنين يجدان صعوبة في العثور على الشريك المناسب الذي لا يمكن إيجاده بسهولة من وجهة نظرتهما التي تحمل الكثير من الهواجس والخوف عن الإرتباط.. كما أن هناك أعراض سلبية كثيرة يسببها طول فترة العزوبية منها الشعور بالوحدة والعزلة، وبالتالي يكون فريسة سهله للخوف والأوهام التي تطارده باستمرار مثل:

لماذا كل هذه الصعوبة في إيجاد الشخص المناسب للزواج؟ لماذا لم أنجح في تكون أسرة سعيدة مثل باقي زملائي وأصدقائي ؟ هل بي شيء خطأ؟ هل أنا سيء لهذه الدرجة ؟ أم هناك شيء بي لا أستطيع تفهمه؟

وتظل هذه الأسئلة وغيرها يطرحها على نفسه كل من لم يستطع العثور على الزوجة أو الزوج المناسب لذلك يحاول الكثير من علماء النفس العمل على تفسير هذه الظاهرة التي تسمى العزوبية الأبدية والتي بدأت تنتشر منذ مطلع الألفية، وظاهرة العزوبية الأبدية تفاقمت مع انتشار التكنولوجيا وانفتاح المجتمعات، فزاد من لا يستطيع العثور على شريك الحياة المناسب رغم تمتعه بالمكانة الإجتماعية الجيدة والعملية المتميزة، والمظهر المقبول من جميع الناس.. وتعمق العلماء في فهم تلك الظاهرة والتي يربطها البعض بالصفات الشخصية، والبعض الآخر يربطها بالجينات.

2- أسباب ظاهرة العزوبية الأبدية

سيطرت ظاهرة العزوبية الأبدية على الكثير من علماء النفس والاجتماع الذين عملوا على البحث في الأسباب الأكثر منطقية لتلك الظاهرة وكان منها :

  •    طول فترة العزوبية

لعل طول فترة العزوبية تعد من ضمن أهم أسباب ظاهرة العزوبية الأبدية حيث أنها تصعب من كيفية اختيار الشريك المناسب للزواج، فالشاب أو الفتاة اللذين اعتادوا على العيش بمفردهم لفترة طويلة يصعب عليه تقبل أن يعدل أحدهم على نمط حياته، أو يتحكم به، وهذا يسبب الشعور بالخوف وعدم الراحة في دخول في علاقة خوفاً من أنه لن يستطيع أن يرضي الطرف الآخر، وأيضاً هناك جانب آخر لتلك النقطة تتضح بشكل أكبر مع المرأة التي تستطيع أن تفي باحتياجاتها الشخصية معتمدة على ذاتها، واستقلاليتها.

  • المبالغة في التوقعات

كما أن المبالغة في التوقعات من العوامل المهمة في انتشار العزوبية الأبدية فالمرأة تحلم بالرجل طويل القامة وسيم المنظر، مفتول العضلات، لديه وظيفة مرموقة تدر عليه دخل ضخم يعيشه في مكانه مرفهة، كما أنه إجتماعي محبوب من الجميع فتسجن المرأة نفسها داخل مواصفات معينة، وترفض أعطاء الفرصة لأي شخص لا يتمتع بكل هذه الصفات بالكامل، حتى لو كان هذا الشخص مناسب جداً لها، ويحبها وسيحافظ عليها ويصونها، وكذلك الرجل.

  • صورة شريك الحياة التي لا تنازل فيها مهما حدث

فالرجال والنساء يتمسكون بشكل، ومظهر معين لشريك الحياة، حتى أنهم يرفضون التعارف على شخص ما لمجرد أنه لا يوجد به أي مواصفات من التي يحلمون بها.

  • الخوف من إنجاب أطفال

يسبب عدم الإستعداد لتحمل مسؤولية تربية طفل سبب مقنعاً للعديد من الرجال والنساء بالعزوبية.

  • الأنانية

الشعور المفرط بالثقة بالنفس والاحترام المبالغ فيه للذات، يجعل الشخص يتجنب فكرة الإرتباط، وتقوي لديه عوامل التمسك بمتطلباته الشخصية في شريك الحياة.

  • الإنغماس الشديد في الحياة

الهوس بتحسين المعيشة، والحب الشديد للمال يجعل الشخص من الصعب أن يفكر في شريك الحياة الذي سوف يكلفه المزيد من المصاريف.

3- علاقة العوامل الجينية بظاهرة العزوبية الأبدية ؟

مؤخراً توصل باحثون صينيون إلى أن للجينات الوراثية تأثيراً فعال على العلاقات العاطفية، والحالة الإجتماعية للإنسان من حيث كونه عازب أو متزوج، حيث أن هناك أحد الجينات المسؤوله عن العزوبية وهو العامل الرئيسي في ظاهرة العزوبية الأبدية .

يعتقد هؤلاء العلماء أن الجين الذي أطلقوا عليه اسم 5-HT1A يتحكم بشكل مباشر في إفراز هرمونات السعادة، والجين يوجد عند أغلب البشر على شكل نسختين أحدهم تسمى جي والأخرى سي.

من يحمل الجين جي يسبب له مشاكل هرمونية تبعده عن الدخول في علاقة عاطفية سليمة، وتسبب الكثير من التعاسة والحزن، وعدم قبول الأمور الوسط في مواصفات شريك الحياة وعلى العكس تماماً من يحمل الجين سي فأنه يحفز من إنتاج الكثير من هرمونات السعادة التي تساعد في تنظيم المزاج، وزيادة الرغبة، كما أنه يحد من الاضطرابات النفسية، والاكتئاب، وكلها عوامل تسهل على تشكيل العلاقات العاطفية والعثور على شريك الحياة المناسب بلا تعقيدات أو هواجس.

4- تأثير الأعمال الدرامية على ظاهرة العزوبية الأبدية

بسبب المواصفات المعقدة، والتفاصيل الكثيرة التي يحرص عليها كلاً من الرجل والمرأة بأن تكون متواجدة في شريك الحياة، يؤدي ذلك إلى ارتكاب الكثير من الأخطاء التي تعقد الأمر وتصعب من الوصول إلى الزوج أو الزوجة المناسبين، ومن أهم تلك الأخطاء:

أن تظل تنتظر الشخص المناسب، فارس الأحلام أو فتاة الأحلام، والذي يرسم في خيالهم كشخص ملاك يجعل الحياة رائعة دائماً ووردية.. ملتزم ومتدين إلى أبعد الحدود، لا يتسبب في أي مشكلة بل يصل البعض في تخيل شريك الحياة شخص لا يغضب ولا يحزن، وهذا مرتبط بالصورة المثالية الحالمة التي رسمتها الروايات والأعمال الدرامية والتي تعد خاطئة، ولا تتناسب إطلاقاً مع الواقع الذي نعيشه لذلك تتفاقم عندهم ظاهرة العزوبية الأبدية ولا يقبلون الحلول الوسط في شريك الحياة على الرغم من أنها من أهم عوامل إنجاح العلاقات العاطفية.

5- هل من يعاني من ظاهرة العزوبية الأبدية ضحية؟

يرفض العديد من علماء الإجتماع اعتبار الرجل الأعزب أو الفتاة العزباء ضحايا، لأن الظاهرة في نهاية الأمر تتعلق بمعايير محددة يضعها كل إنسان لشريك حياته، ولا يتنازل عنها مطلقاً، لذلك هم ليسوا ضحايا بل هم من اختاروا هذا الوضع ورضوا به بل لايزالون متمسكون بنتيجة اختياراتهم على أمل أن يجدوا الشريك المناسب الذي سيعثرون عليه من وجهة نظرهم مهما طال الوقت.

6- كيف نعالج من يعاني من العزوبية الأبدية ؟

دائماً ما يكون الداء هو العلاج، ومن يعاني من ظاهرة العزوبية الأبدية هو شخص باختصار يرسم صورة وطباع معينه لشريك الحياة، ويرفض أن يتنازل عن أي شيء مما رسمه في خياله، فيجب عليه أن يعي جيداً أنه لا توجد حياة ولا شخص مثالي، وأننا بشر لا بد من وجود جانب غير جيد أو غير محبب لأغلب الناس هكذا خلق الله الإنسان بداخله الخير والشر.

كما أن هناك جانب آخر هو الشخص نفسه، كيف يطلب بالكمال وهو ليس بكامل، هل أنت أيضاً بكل كل الصفات المثالية؟ هل يوجد بك أي عيوب؟ فكما تضع شروطاً مجحفة لشريك الحياة يجب عليك أن تنظر إلى نفسك في المرآة وتعترف بعيوبك أمام نفسك حتى تدرك أن الكمال لله وحده.

7- المصادر:

بقلم : إبراهيم المحلاوي