الأسرة هي وحدة بناء المجتمع فإن كان المجتمع نسيجًا فالأسرة هي الخلية التي تشكل المجتمع وتبني والصلاحية هذا النسيج يجب أن تكون بناءة صالحة وسليمة فالهدف من وجود الأسرة هو التكاثر والتوالد وفق مبادئ صحيحة وسليمة وإنشاء أجيال صالحة وسوية بهدف خلق مجتمع إسلامي متكامل وسعيد، وذلك ما سنتولى توضيحه من مقومات الأسرة المسلمة في مجتمعاتنا العربية.

1- الأسرة في الإسلام

  • شرع الله الزواج وأمر به فهو نصف الدين وحث عليه رسوله الكريم فهو الوسيلة القوية لبناء أسرة ووضع حجر أساس لعائلة وأجيال لذلك كان الاهتمام بالأساس من أولويات الزواج فلا تقوم أسرة بدون زواج فالأسرة تحتاج إلى رباط مقدس يخلق الاحترام والتآلف والتراحم بين أعضائه.
  • لبناء أسرة مسلمة تتكون من عنصرين أساسيين وهما الزوجين لذلك وجب اختيار كل منهما اختيارا قائما على الأخلاق وليس الماديات حتى لا تعرض هذا البناء إلى الهدم فكلما كان الزوجين صالحين كانت الأسرة بذرة ومهد للصلاح والتقوى ويتم اختيار كل طرف وفقًا لمواصفات خاصة لكل منهما.
  • ولكن يشترط في كل هذه الصفات الصلاح والتدين والتقوى فلا تقوم أسرة على أملا تصلي أو أب لا يحمل مسئولية فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
  • تبدأ حقوق الزوجة على زوجها منذ أن يتم عقد قرانهما، حيث يتبع ذلك العقد مجموعة من المسئوليات والواجبات لكلا من الطرفين، فتشمل حقوق الزوج طاعة زوجته له في كل ما يتعلق بحياتها من أمور متعددة، كما يلزم أن لا يشم ولا يسمع إلا ما يسره ويرضى عنه فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :” لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ” رواه ابن ماجه.

– وكذلك للمرأة عليه حق فعليه المهر والنفقة والسكني والكسوة كل ذلك بقدر استطاعته فلا إفراط ولا تفريط كما عليه معاملتها بالحسنى أسوة برسول الله صلي الله عليه وسلم، هكذا بين لنا الإسلام كيف نبني بيتا على أسسا وأركان سليمة وقوية.

2- واقع الأسر في المجتمعات الإسلامية والعربية

  • اختلفت العصور والأزمنة واختلفت العادات والتقاليد حتى أن الكثير من المفاهيم تغيرت وقد أثر بعدنا عن الدين وملاحقة التطور في صراع مع التقدم على واقع الأسرة في المجتمع فأصبحت العائلات بعيدة عن أخلاقنا الإسلامية وعاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة.
  • وذلك بسبب بعدنا عن قيم ومبادئ ديننا الحنيف الذي وضع لنا خطة النجاح في الدنيا والآخرة.
  • لذلك تشكو الأسر من الخلاف والتشتت وقد زادت حالات الطلاق وكثرت قضايا الأسرة باختلاف أسبابها، وكل ذلك بسبب إهمال الدين والابتعاد عنه من قبل الأزواج.
  • يدعو الإسلام إلى التآلف والرحمة بين كل أفراد المجتمع، كما انه لا يفرق بالأجناس أو اللون ويدعونا إلى كل القيم والتسامح وينهانا عن العنف والحسد والبغضاء، فالإسلام دين التطور والرقي ولكن فيما يفيد ويقدم ثمرة إيجابية.

3- الأسرة في الإسلام تختلف عن الأسرة الغربية

  • الأسرة في الإسلام قائمة على الزواج وهو الميثاق الغليظ الذي يربط الرجل بالمرأة هذا العقد الشرعي الذي يحفظ لهما حقوقهما ويجعل ما بينهما ما هو إلا رحمة وتراحم وترابط وتعاون بينهما.
  • لذلك نجد أن الأسرة المسلمة أسرة مترابطة تنشئ أجيالا يقدرون الآباءوالأمهات ويكرهون بالفطرة ما نهى الله تعالى عنه كما أنهم يتمتعون حتى بالصحة والأجسام السليمة وذلك بسبب بعدهم عما حرم الله عليهم.
  • أما الأسرة الغربية فهي أسرة مفككة لذلك تكثر مشكلات أبنائهم النفسية ورويدا حتى يتحولون إلى حالات أما من الإجرام والعنف والانتحار وذلك بسبب تمتعهم بحرية لا حدود لها دون حدود أو قيود ومراقبة من الأب والأم لأن لا حقوق عندهم لكلا الطرفين عليهما عكس الإسلام والذي يوجب الطاعة للأبوين إلا في حرام.
  • فهناك دراسة قام بها وندي ماننغ وكاثرين لامب تقول “إن الأبناء المراهقين الذين يعيشون ضمن عائلات ومجموعات أسرية بطريقة المساكنة والمشاركة هم أكثر سعادة من المراهقين الذين يعيشون بمفردهم ويتمتعون بكامل الحرية “
  • وهذا ما يميز مجتمعاتنا الغربية وتعاليمنا الإسلامية رغم السلبيات في ملاحقة التطور إلا أن ديننا الذي يحض على بناء الأسر وتعاليمها التي تحث على الاحترام والتقيد بمبادئنا توفر لنا قسطًا من السعادة قد لا يدركها غيرنا.

4- مقاصد الإسلام في إنشاء أسرة

  • صيانة الأفراد والمجتمعات من الوقوع فيما نهى الله عنه وحرمه ومنع اختلاط الأنساب والاهتمام بالصحة والابتعاد عن الأمراض التي يسببها الاختلاط المحرم.
  • تحقيق الإيمان والصحة النفسية واكتمال الدين بالعفة والطهارة والتقوى في نفوس أفراد الأسرة المسلمة.
  • بقاء النوع الإنساني بوسيلة رابط مقدس يحفظ المسلمين وأبنائهم ويشبع الغرائز وينشئ الأجيال والمجتمعات بما ينفع الدين والأوطان.

5- مقومات الأسرة المسلمة

  • تقوم الأسرة على أساس الزواج الذي بدوره هو الاستقرار فلابد من وجود عقد زواج مستمر ومستقر فلا تقوم أسرة على زواج مؤقت أو لغرض أو بسبب أو بدون إشهار فلابد أن يكون العقد مستوفيا لشروط وأركان وصحة عقد الزواج.
  • الرضا بين الطرفين والقبول من الجانبين فلا تقوم أسرة على زواج بإكراه فهو عقد باطل لا يعترف به الإسلام والرضا لا يكون لطرف دون الآخر فهو من الجانبين.
  • تقوم الأسرة المسلمة على أساس من المودة والرحمة كما جاء في الآية الكريمة وعلى التفاهم والصبر لكل منهما على الآخر فلا أحد كامل إنماالكمال للخالق وحده وحسن المعشر والأمر بالمعروف بينهما.
  • تربية الأبناء وفق أسس ومبادئ الدين الإسلامي وما يرضي العقيدة وتأمر به وما نهي عنه وتبغضه فلا يخالف الأبناء شرع الله ووفق الأخلاق الحميدة وحسن السلوك وتأدية العبادات والطاعات وهذا يكون بتقليد أبائهم وأمهاتهم.
  • دعي الإسلام إلى الرفق واللين في المعاملة مع الأبناء وتفهمهم والرحمة بهم فعلى الوالدين تربية الأبناء بأساليب وطرق متعددة إحداها يحمل الرفق والأخر يحمل الشدة ومرة بالترهيب وأخرى بالترغيب وذلك لبلوغ إلى الهدف من أجيال صالحة تحب وترغب تخاف الله ونهى النفس عن الهوى.
  • إعطاء الحرية ولكن بحدود ووفق معايير معينة ولأسباب مشروعة وأيضا المراقبة في التطور لا يعني الإهمال والحرية لا تعني الخروج عن النص في التصرفات وتعليمهم تعاليم الدين وقواعده وأسسه.

6- صفات الأسرة المسلمة

  • تتسم الأسرة المسلمة ببشاشة وجوه أفرادها وتظهر عليهم الراحة النفسية في ملامحهم وتصرفاتهم وكثيرًا ما تجدهم ضاحكين مستبشرين.
  • تجد أفراد هذه الأسر في مراتب ومناصب مرموقة تعليما أو مادة أو خلقًا ودينا فنجدهم على قدر عظيم من حسن السمعة.
  • علي الرغم من متطلبات الحياة ومشكلاتها إلا أنهم يتمتعون بالقدرة على حل هذه المشكلات وتخطيها بسبب حسن ظنهم واتكاله على الله كما أنهم يتمتعون بتشجيع بعضهم بعضا والقدرة على تحقيق أهدافهم.
  • كل ما ذكرنا يسهم في إنشاء أجيال مسلمة متدينة وسعيدة وأيضا راقية يرضي الله عنها ورسوله وأنفسهم.

7- المصادر

بقلم رحاب خالد