1- الغيرة

يأتي المعنى الأساسي للغيرة من شعور الرجل بالحفاظ على أهل بيته وحمايتهم من الغير، ومنها منعهم من التعلق بأي شخص غريب سواء بالحديث أو النظر أو غيرهم.

فالغيرة التي تليق بالمسلم السوي الذي كرمه ربه وفضله، موطنها الإعتدال سواء كانت للرجال أو النساء،لأنها ترجع لكره الشخص التعدي على حُرمته أو حُرُمات غيره.

و روى البخاري (4634) ومسلم (2760) عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلَا شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنْ اللَّهِ وَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ ) .

ورواه البخاري (7416) ومسلم (1499) – واللفظ له – عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : ” قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ . فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ ) .

2- الغيرة في الإسلام

الغيرة في الاسلام هي أن تكون المرأة آمنة في رحاب زوجها، وأن يصون الرجل عرضه وعرض جميع المؤمنين، فالإيمان والغيرة مرتبطان دائماً إذا زادو يزدادو معاً وإذا قلوا يقلوا معاً.

فعلى الرجال أن يقدم ماله ونفسه فداءً للحفاظ على عرضه من التطاول عليهن لفظياً أو حتى بالنظر بشكل غير لائق، فيصونه من التهم والمعايب، فبالتالي تتجنب الرذائل.

ولكن إعلم إن الغيرة لا تتوقف فقط على صون الشخص لعرضه، بل صون أعراض الناس من التعدي عليهم،ت ونصرة المظلوم، ونصح الغير بطريقة طيبة.

قال تعالى: ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور 30 – 31].

3- أقسام الغيرة

تنقسم تبعاً لطرفي العلاقة لإثنين إحداهما له والأخرى عليه، فيشعر المرء بغيرة نحو شريك حياته، وايضاً يُحب أن يغار عليه الطرف الآخر، وفقاً لقواعدنا الإسلامية الرحيمة.

وفي الحالتين هي شعور المُحب وحميته أن يشاركه آخر في محبوبه.

ولكن على الجانب الآخر قد نجد نوعاً من الغيرة يأتي بالغضب تجاه ما يمس حُرماته، فلن يستهين ابداً بحقه إذا ناله مكروه، فيتحول لحماية أهل بيته ومحاربة من تعدى عليهم أو تعرض لهم بأي أذى.

أو حتى على المسوتى الشخصي فيغير الشخص على شريكه من صفات سيئة يود تغييرها مع الوقت لينعمان معاً بحياة سالمة تهتدي لمبادئ الإسلام.

ولكن هناك غيرة محبوبة يميل لها الطفرين وغيرة مذمومة تنفر أكثر ما تُقرب وتخرجهما لمواقف لا يُحسدان عليها.

4- الغيرة المحمودة والغيرة المذمومة

الغيرة المحمودة

هي التي يحبها الله ويأمرنا بها الإسلام وتنشأ بين الطرفين من المودة والرحمة ومراعاة شعور الطرفين.، تُبنى على الثقة المتبادلة بين الطرفين..

الغيرة المذمومة

أما هذه فينفر منها الجميع، فأساساها سوء الظن وإيقاع العداوة فتفسد المحبة وتتعثر معها العلاقة..  دائماً تأتي من ضعف الإيمان وأمراض القلب التي ملئتها وسوسة الشيطان..وفي المسند وغيره عنه قال: ((الغَيْرة غيرتان: فغيرة يحبها الله، وأخرى يكرهها الله، قلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الغَيْرة التي يحب الله؟ قال: أن تؤتى معاصيه، أو تنتهك محارمه، قلنا: فما الغَيْرة التي يكره الله؟ قال: غيرة أحدكم في غير كنهه))

وبالتالي لا يبالغ الشخص في تقصي الحركات والسكنات، لن تجد أجمل من الإعتدال دائماً والحوار الهادئ لأياً من مشاكلكم الزوجية.

فقال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ من الغَيْرة ما يحبُّ الله، ومنها ما يكره الله؛ فالغَيْرة التي يحبُّها الله الغَيْرة في الريبة، والغَيْرة التي يكرهها الله الغَيْرة في غير ريبة)) .

وكي لا تخرج من مجرد شعور لحياة تم هدمها عليك بالإبتعاد عن  تلك المشاعر التي تصل بك إلى التجسس والآلام النفسية والعصبية والضغط الذي تضع نفسك به أنت وأهل بيتك، فتخيل تحول الحياة بهذا الشكل هو اختيارك أنت، أو على الجانب الأخر قد تمتلئ حياتك بالود والمحبة وحسن الظن  والقناعة.

5- غيرة النبي صل الله عليه و سلم

عن عبد الله بن عمر: “أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل على مارية القبطية وهي حاملٌ بإبراهيم وعندها نسيبٌ لها قدم معها من مصر فأسلم، وكان كثيرًا ما يدخل على أمِّ إبراهيم وأنه جبَّ نفسه فقطع ما بين رجليه حتى لم يبق قليلٌ ولا كثيرٌ، فدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم يومًا عليها فوجد عندها قريبها فوجد في نفسه من ذلك شيئًا كما يقع في أنفس الناس، فخرج متغير اللون فلقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعرف ذلك في وجه فقال: يا رسول الله أراك متغير اللون؟ فأخبره ما وقع في نفسه من قريب مارية فمضى بسيفه فأقبل يسعى حتى دخل على مارية فوجد عندها قريبها ذلك فأهوى بالسيف ليقتله، فلما رأى ذلك منه كشف عن نفسه فلما رآه عمر رضي الله عنه رجع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبره، فقال: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن الله سبحانه وتعالى قد برأها وقريبَها مما وقع في نفسي، وبشرني أن في بطنها غلامًا وأنه أشبه الخلق بي وأمرني أن أسميه إبراهيم”.

6- غيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

قال رسول الله صل الله عليه و سلم: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا» فَبَكَى عُمَرُ وقال: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ الله( 10).

7- أسباب ضعف الغيرة

  • ضعف الإيمان.
  • الإنغماس بالمعاصي.
  • الغزو الفكري للغرب لعقول الشباب المسلم.
  • ضعف قوامة الرجل  ويرجع ذلك إما لضعف شخصيته أو زيادة حبه للزوجة .

8- قد لا يغير رجل.. ولكن يتقي الله رجل آخر

قد تقف بعض الأمور عند عدم غيرة الرجل على زوجته فيعتقد البعض أنها أصبحت متاحة أمام الجميع، ولكن دائماً ما تجد من يتقي الله، أو على الأقل أبدأ بذاتك فقط ولا تقترب أو تتعدى على أياً من النساء حتى ولو كانت صفاتها غير مقبولة فعلى سبيل المثال كانت قصة يوسف..  فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «و قال يوسف أيضا: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [يوسف: 33-34].

فكان لخوف الله في قلبه ما يغنيه عن مثل تلك الأفعال أو الفاحشة، ثم دعى ربه سبحانه وتعالى أن يصرف عنه كيدهن وقوله: ﴿السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ .

فكان زوجها  لا يغار عليها بل ويطيعها فلم يتخذ أي فعلاً واضحاً للفصل بينهما، فقال:

﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [يوسف: 29].

9- المصادر

موقع صيد الفوائد

الإسلام سؤال وجواب

شبكة الألوكة

طريق الاسلام

طريق الإسلام

الدرر السنية

الخليج

فضيلة الشيخ محمد نبيه

بقلم: رنا شوقي