مع انتشار الأزمات الاقتصادية، ومع اكتراث الكثيرون منّا بالدنيا، وانشغالهم عن الدين، تعددت المشاكل، والتي تصل إلى ما حرمه الدين، من إباحة الدم، و قتل الزوجات ، دعونا نتعرف  هنا على أسباب المشكلة، وأفضل الحلول.

 

1- إحصائيات قتل الزوجات

أصبح القتل أو العنف بصفة عامة ظاهرةً غير مرغوب فيها، في كل المجتمعات العربية، والأجنبية، لأنها تؤدي في النهاية إلى عواقب وخيمة، تؤثر على سلوك جميع أفراد الأسرة، وبالتالي سلوك المجتمع بالكامل، وقد أثبتت الأبحاث والدراسات على مدار عدد كبير من السنوات انتشار ظاهرة قتل الأزواج للزوجات، عن قتل الزوجات للأزواج في الدول الغربية، عنها في الدول العربية، من خلال السطور القادمة نطلعكم على إحصائيات قتل الزوجات على مستوى العالم، ونتعرف معًا على أسباب قتل الزوجات، كما نتعرف على أهم الحلول التي تمنع انتشار تلك المشكلة، بدلًا من الوقوع في حرمة الدم، وعظم الجريمة.

 

عام 2007 في الولايات المتحدة الأمريكية، تم تسجيل 2340 حالة قتل من قِبل شريك الحياة، أو الطرف الثاني للعلاقة، ولعل النسبة الأكبر من حالات القتل، كان من نصيب الزوجات على يد الأزواج، بنسبة 70 % وليس العكس.

 

ومنذ منتصف السبعينات حتى منتصف الثمانينيات، أثبتت التحقيقات التي يجريها المكتب الفيدرالي، أنه مقابل 75 حالة قتل سيدة لزوجها، تجد 100 حالة قتل رجل لزوجته، في حين تجد العكس في كل من: ولاية شيكاغو، وسانت لويس، وهوستن وديترويت، حيث يزداد معدل قتل الأزواج بسبب السيدات.

 

كما نجد أن المعدلات تختلف بسبب اختلاف الأصول، حيث زاد المعدل في الأمريكيين الإفريقيين بمقدار 8.5 ضعف معدلات الأمريكيين البيض، ووفقًا لدراسة أجريت على مستوى العالم، أثبت أن 35 % من السيدات المقتولات بسبب الزوج، وبالتحديد تمثل هذه النسبة في جنوب شرق آسيا 55 %، وفي المناطق الإفريقية 40 %، وفي أمريكا الشمالية والجنوبية 38 %.

 

وتختلف الدول الغربية في هذا المعدل، حيث تسجل الولايات المتحدة 76 حالة قتل للسيدات  كل شهر، و4 حالات في أستراليا.

 

مع ملاحظة أيضًا اختلاف طريقة القتل بين المبيدات الحشرية، أو السم في الطعام، أو صبغة الشعر، ومنهم من يستخدم السكاكين أو أدوات منزلية من المطبخ، وسوف نتطرق معكم لمعرفة الأسباب التي تؤدي إلى هذا العنف المفزع في السطور القادمة.

 

2 – أسباب قتل الزوجات

 

نجد أن سبب هذا العنف الذي يؤدي إلى القتل يختلف من مجتمع إلى آخر؛ بسبب اختلاف عاداته، وتقاليده، والمستوى المعيشي له، ومدى تأثر الناس بالتعاليم الدينية، وهذا يختلف بين الدول العربية والغربية، وتأتي أكثر هذه الأسباب هي العلاقة الحميمة بين الزوجين بنسبة 57 % في الدول الشرقية.

 

بعد ذلك نجد الاختلاف يظهر بسبب الأموال ” المصروفات المنزلية “، حيث تكمن المشكلة في الأعباء الكبيرة التي تلقى على كاهل كل أسرة، أو ربة منزل من احتياجات يومية، في ظل ارتفاع الأسعار وخاصةً السلع الأساسية، وعلى رأسها المواد الغذائية.

نجد أيضًا إدمان الزوج للمخدرات، أو لعب القمار، يؤثر على الحياة الأسرية بشكل كبير، كما أن ثقافة الزوج وتعليمه يؤثر على طبيعة الحياة التي قد تؤول في النهاية إلى الفشل والقتل، فقد يرى بعض الأزواج أن الضرب حل جوهري لكل المشاكل، أو أي طريقة أخرى للضغط على الزوجة، مثل المنع من الخروج، أو الذهاب للأهل والأقارب.

 

نجد أيضا الأشغال، أو الأعمال المنزلية من ضمن الأسباب المؤدية إلى العنف، حيث تحتاج الزوجة مساعدة الزوج، في حين يرى الزوج أنه منهمك في العمل خارج المنزل.

 

وقد تتفاقم كل تلك المشاكل في بعض الأحيان لدى الأزواج، وخاصةً هؤلاء البعيدين عن تعاليم الدين، حتى تصل إلى قتل الزوجات.

 

3 – رأي الدين في قتل الزوجات

 

تمنع جميع الأديان السماوية العنف بوجه عام، وخاصةً بين أفراد الأسرة الواحدة، وتحث دومًا على المعاملة الطيبة، والاحترام المتبادل بين الزوجين، ومراعاة كل طرف لمشاعر الآخر، واحترام خصوصياته ورغباته، طالما لم تؤذِ أو تضر باقي أفراد الأسرة والمجتمع.

 

ونجد ذلك واضحًا تمامًا في الدين الإسلامي، الذي نهى المسلمين عن الضرب، واستخدام العنف، وكان خير مثال على ذلك رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – الذي كان قدوةً طيبةً لكل الأزواج في التعامل المحترم مع زوجاته، والتعاون مع كل عائلته.

4- حلول المشكلات الأسرية

 

العلاقة الزوجية من أسمى العلاقات الإنسانية التي حثّ عليها الإسلام ورغّب فيها، فقال تعالى في كتابه الكريم: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ “. (21)

 

التفاهم والاحترام المتبادل بين الزوجين أساس الحياة الزوجية السليمة، فإذا حدث اختلاف في وجهات النّظر بين الزوجين، كان ذلك بدايةً للمشاكل والتّصادم بينهما، والتي تصل في بعض الأحيان إلى قتل الزوجات، كما أنه لتجنب الوصول إلى هذه النهاية المؤسفة، يجب تجنب عدة أمور، واتباع عدة أساليب لحل المشكلات الأسريَّة، ومن أهمها:

 

1- يجب أن يبتعد كل من الطرفين عن استخدام العنف؛ حتى لا تصبح المشكلة أكثر تعقيدًا، بل يجب أن  يتحلّى كلّ فردٍ من أفراد الأسرة باللين و الرّفق، وفي هذا الصدد قال رسول الله – صل الله عليه وسلم -: ”  إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيءٍ إلَّا شانَهُ “. وَزادَ في الحَديثِ: ” رَكِبَتْ عائِشَةُ بَعِيرًا، فَكانَتْ فيه صُعُوبَةٌ، فَجَعَلَتْ تُرَدِّدُهُ، فقالَ لها رَسولُ اللهِ – صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ – عَلَيْكِ بالرِّفْقِ…، ثُمَّ ذَكَرَ، بمِثْلِهِ “. الراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم.

 

2- يجب ألا يترك الزوجين الغضب يسيطر عليهم، فمن المعروف أن الغضب لا يأتي بخير، ولكن يعد هو أصل جميع المشاكل في مختلف العلاقات، ويجب على الطرفين اللجوء إلى ضبط الأعصاب، والتحكم في الانفعال.

 

3- ينبغي على الزوجين إدراك حجم المشكلة الطبيعي، فلا داعي من إعطاء المشكلة أكبر من حجمها، كما يجب على الزوجين حل مشاكلهما فيما بينهما، دون إدخال طرف ثالث بينهما؛ حتى لا تزيد حجم المشكلة، كما عليهم اللجوء إلى الله – سبحانه وتعالى – في حل المشكلات، ويسألونه تهدئة النفوس بأمره تعالى.

 

4- تمثل الثقة المتبادلة بين الزوجين صمام الأمان للعلاقة الزوجية السليمة، فلابد أن يثق كل من الطرفين في الآخر، فإذا دخل الشك بين الطرفين كان هذا بداية لمشاكل لا تنتهي.

 

5- يجب أن يفهم كل من الزوجين أن الانفعال والعصبية الزائدة، لا ينتج سوى المشاكل، فيجب على كل منهما التحكم في أعصابه، والسيطرة على انفعالاته، حتى لا تزيد المشاكل وتتفاقم بينهما، وعلى الزوجة أن تكون ذكية، وتمتص غضب زوجها، دون أن تتنازل عن حقها، فعليها أن تعلم أنها عندما تسامح زوجها على خطأ ارتكبه، دون المبالغة في اللوم والعتاب، فإن حبه لها يزيد، ويجب عليها أن تعلم أن كثرة الدموع ليست من الأمور التي تجدي نفعًا مع الرجال، بل لابد أن تفكر في حل للمشكلة بدلًا من استخدام الدموع، كما يجب على الزوجة  ألا تتحدى زوجها، حتى لا تجرح رجولته، فعليها أن تستخدم معه اللين والنقاش بهدوء دون انفعال، وعلى الزوج أن يحتوي زوجته، ولا يقسو عليها، فقد اوصى رسولنا الكريم بحسن معاملة النساء.

شَهِدَ حجَّةَ الوَداعِ معَ رسولِ اللَّهِ – صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ – فحَمدَ اللَّهَ، وأَثنى علَيهِ، وذَكَّرَ، ووعظَ، ثمَّ قالَ: ” استَوصوا بالنِّساءِ خيرًا فإنَّهنَّ عندَكُم عَوانٍ ليسَ تملِكونَ منهنَّ شيئًا غيرَ ذلِكَ إلَّا أن يأتينَ بفاحشةٍ مبيِّنةٍ فإن فَعلنَ فاهجُروهنَّ في المضاجِعِ واضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مبرِّحٍ فإن أطعنَكُم فلا تَبغوا عليهنَّ سبيلًا إنَّ لَكُم مِن نسائِكُم حقًّا ولنسائِكُم عليكُم حقًّا فأمَّا حقُّكم على نسائِكُم فلا يُوطِئْنَ فرُشَكُم من تَكْرَهونَ ولا يأذَنَّ في بيوتِكُم لمن تَكْرَهونَ ألا وحقُّهنَّ عليكم أن تُحسِنوا إليهنَّ في كسوتِهِنَّ وطعامِهِنَّ “.

الراوي: عمرو بن الأحوص، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح ابن ماجه.

 

6- عدم التفكير في الطلاق كحل للمشاكل الزوجية، حيث يجب على كل من الزوجين إدراك وفهم خطورة الطلاق، وخطورة ما ينتج عنه من تفكك الأسر والأبناء، ويجب عليهما اعتبار هذا الحل هو آخر الحلول بينهما، فيجب على كل طرف من الطرفين احترام الآخر وتقديره.

 

7- الصراحة والوضوح هما من أهم الأسباب التي تحافظ على كيان منظومة الزواج، فيجب على كل من الطرفين مصارحة الطرف الآخر، دون أن يكون للكذب وجود في حياتهما الزوجية.

 

8- تنظيم أوضاع المنزل الاقتصادية، حيث تعد المشاكل الاقتصادية والمادية من أهم الأسباب التي تؤدي إلى كثرة المشاكل بين الزوجين، من الناحية الواقعية، فيجب على الزوجين الاتفاق على وضع ميزانية تتناسب مع أوضاعهم المالية، ومتطلباتهم، حتى يستطيعون تنظيم أمورهم وحياتهم اليومية.

 

5- المصادر:

1- حديث

2- إسلام ويب

3- سكاي نيوز عربية

4- القرآن الكريم

5- ويكيبيديا

 

بقلم/ مي صالح