اختلفت أسباب تأخر الزواج عند البنات والنتيجة واحدة بدأت مجموعة من الفتيات تزداد في رفضها لفكرة الزواج بشكل عام، خوفاً من خوض تلك التجربة لأسباب متعددة، أولهم الخوف من الفشل، فيفضلن البقاء عازبات بلا زواج.

وشجعهم على ذلك طبيعة الحياة العصرية التي تكفل الحرية للبشر في اختيار مصائرهم، أو رؤية أفضل طرق المعيشة من وجهة نظرهم.

1_ هل ترفض البنات الزواج  لأسباب نفسية

تحدث الدكتور علي العودات ،الأستاذ المساعد بقسم علم النفس الإرشادي أن أسباب رفض أو كُره الفتاة للزواج؛ قد يرجع لنشأتها بين نماذج  غير ناجحة من الأزواج، أو عاصرت فترة طفولة سيئة  فيتسبب ذلك في تطور الاتجاهات النفسية السلبية لديها نحو الزواج.

ورجح أن تأخر الزواج أو زيادة نسب العنوسة كما يُطلق عليها البعض، تأتي بفعل مجموعة معتقدات تؤمن بها الفتيات، والتي قد تقف سداً منيعاً أما عينيها وتجعلها لا ترغب بالزواج، بينهم مثلاً أنه سيتسبب في إيقاف جميع أحلامها وطموحاتها المستقبلية، سواء كانت في مسيرتها التعليمية أو العملية .

كما تُهاب بعض البنات من المجهول  و من ملامح المستقبل في حياتها الجديدة إذا أخذت خطوة الزواج، أيضاً تخاف بعضهن من تكرار الملل الروتيني للحياة التقليدية، أو ربما تحمل المسؤلية في وقت سابق لأوانه.

2_ هل تخشى الفتيات  تحكّم الرجل بها؟

في حالة كانت الفتاة تتمتع بشخصية قيادية أو خطت خطوات ناجحة على أرض الواقع فهي ترفض كل الرفض لخوض تلك التجربة، لاعتبارها أن الزواج سيقيد خطواتها ويعطي فرصة لشخص أخر من التحكم فيها، وتحجيم قوتها.

أما في حالة إذا كانت الفتيات تزوجن قبل ذلك وتعرضن للتعنيف ، فعادة ترفض الزواج مرة أخرى نتيجة لخبراتها السلبية السابقة .

3_ هل تستطيع البنات الإستغناء عن الرجال

بشكل عمل متوازن فتحقيق شخصية الفتيات في مجتمعنا الحالي أصبحت أمر طبيعي مألوف ، فهي تخرج إلى العمل وتستطيع الإدارة وحل الأزمات والوصول لأعلى المناصب الممكنة، مُستقلة مادياً وغيرها من الأسباب المادية الملموسة التي تجعل الفتاة لا تنتظر الزواج بفارغ الصبر او تقف باكية طيلة عمرهها.

ولكن على الجانب الأخر لا نستطيع إنكار أهمية الرجال بحياة الفتيات فمن من البنات لا تنتظر شريك حياتها بأحلامهما الوردية السعيدة، ولكن كل الفكرة تكمن بالشخص المناسب الذي يشاركها الحياة ويكون رفيقها مشجعها على كل تفاصيل نجاحها وليس فقط مجرد تحكمات وأوامر.. فبالمودى والرحمة بينهما قد يُنشأن أفضل علاقة زواج ممكنة لكن حين تجد البنات الزوج المناسب.

4_حكم الإسلام في الضغط على الفتاة بالزواج

أمر الإسلام أن أساس شروط الزواج هي موافقة الطرفين، فلن يصح إجبار الفتاة، ولا يمكن إجبار الرجل، لأنها علاقة قائمة على رضا الطرفين.

يقول النبي ﷺ: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت، وفي اللفظ الآخر قال: إذنها صماتها فإذا امتنعت ولم ترض بالزواج فليس لوليها أن يجبرها، لا الأب ولا غيره لأن الحاجة لها وهي أعلم بنفسها، فقد يكون بها مانع من الزواج وأهلها لا يعلمون ذلك. صحيح البخاري

وهنا لا يصح الإجبار ولكن يمكنكم النصيحة  بالزواج لأسبابه الحميدة التي لا تُعد، فيقول النبي ﷺ: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة  فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج الحديث،( صحيح مسلم) والله يقول سبحانه: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32]، ويقول سبحانه: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3] الآية.

هنا الزواج واجب على كل من عنده القدرة على الزواج ويملك الإرادة التي تجعله يتخذ تلك الخطوة، وكذلك على الفتاة ليس من المفضل أن تعتذر ولكن أيضاً لا تُجبر لأنها أعلم بنفسها، فالواجب عليها من جهة الله أن تتزوج وأن تعف نفسها وتغض بصرها، وعلى الرجل كذلك الشاب وهكذا غير الشاب.

5_ العنوسة وكيف تعامل معها الاسلام

في البداية لا يوجد ما يسمى بالعنوسة فهي كلمة رجعية اختفت منذ أعوام، ولا يعيب أي شخص زواجه من عدمه، فأساس دينا الأخلاق والعمل الصالح، والحقيقة كان القرآن الكريم رحيم دائماً بعاطفة البنات المسلمات فلن تُجبر على زواج، وفقط يتم نصيحتها وإن لم تستجب فتترك حتى تأخذ الخطوة عن رضا كامل، حتي تقيم حياة سعيدة، لأنها المُحرك الأساسي لسعادة الأسرة فماذا سوف يحدث إذا تزوجت مجبرة،  بأكبر نسبة ممكنة وفي أبسط الأمور ينفصلان بعد مدة صغيرة فتحولت القصة من مجرد تأخر زواج إلأى أخطاء بشرية كبيرة.

وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الحشر: 18].

وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1].

6_معدلات تأخر الزواج في تزايد مستمر

ازدادت معدلات تأخر الزواج في الوطن العربي بالفترة الأخيرة وبحسب دراسة أجراها المركز القومي للدراسات الاجتماعية والجنائية في مصر أن ثلث الفتيات بلغن سن الثلاثين عاماً. وأشارت الدراسة أن النسبة

تبلغ في كل من قطر والبحرين والإمارات والكويت 35%

و تنخفض إلى 25% في كل من المملكة العربية السعودية واليمن وليبيا

و20% في السودان والصومال

و10% في سلطنة عمان والمغرب العربي

7_نشر الوعي الديني يقلل من تأخر الزواج

يتحدث  الدكتورعبدالفتاح الشيخ، رئيس لجنة البحوث الفقهية في مجمع البحوث الإسلامية والرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، أن الوعي الديني لكلاً من البنات والرجال، قد يعتبر محرك كبير لإتخاذهم خطوات الزواج فبداية من معرفتهم تعالييم دينهم وأموار الزواج وكيفما شرحه القرآن بشكل مُبسط أنه المودة والرحمة التي تحمي قلب الإنسان وتعفه عن الأخطاء، وصولاً إلى الرغبة في تحقيق ما دلنا الله عليه.

وفي رأي أخر للشيخ فرحات المنجي من علماء الأزهر الشريف أن نفقات الزواج المبالغ فيها قد تكون هي الأخرى سبب هام من أساب تأخر الزواج

8_ الآثار النفسية للمتأخرين بالزواج

حول شعور الأشخاص بعدم الوصول للشريك المناسب، تقول الدكتورة سعيدة أبوسوسو أستاذة علم النفس بجامعة الأزهر: لتأخر الزواج  آثار كبيرة سواء على البنات أو الرجالفقد يصل شعورهم إلى اليأس وفقدان القدرة على مواجهة المشكلات، لعدم وجود مشاركة بين طرفين.

كثرة التفكير بالمستقبل والمجهول تشعرهم ببعض الإحباط، أو النظرة التشاؤمية للأمور.

9_ أباء يحولون حياة البنات إلى جحيم

لن نبالغ في استخدام لفظ الجحيم، فلن تنعم أي شخصية خلقها الله بين أشخاص لا ترغب وجودهم، وبالتالي  إلى أي مدى يمكن أن تصل حياة اللفتيات المجبرين على الزواج.

وهذا تحديداً ما يفعله الأباء ببناتهن حين يرغمونهن على الزواج اجباراً، فلن تجيد الحياة حتى ولو كان زوجها رجلاً جيد يتقي الله، فهي لم تريد، إذا لن تكتمل بهم حياة، ولن ينعمان لاحظة واحدة طيبة.

لا يوجد أفضل من الحوار الأسري وسؤال الوالدين عن رغبة بناتهن في الزواج وفي الزوج المتقدم لخطبتها، لأن مع تسلط الأبوين قد يصلون معاً لدائرة مُفرغة، وربما إلى طلاق من بعد زواج تعيس، يتسبب في آثار نفسية ضخمة على حياة البنات المجبرين على الزواج.

خاصة إذا لم تكن هناك ثقافة متبادلة أو نقاش وقبول بين أطراف الأسرة، فمثلاً قد تكون الفتاة تنتظر خطبة شخص أخر وبمجرد الحوار الأسري تتحدث لكم دون خوف وتتفهمان رأيها أو حتى ترفضوه ولكن بأسباب منطقية ونصائح هادئة تجعلها تأخذ خطواتها بشكل جيد دون إجبار.

لأن الحواجز النفسية بين البنت ووالدها قد تفسد كل الأمور،فلا يوجد أفضل من الثقة المتبادلة.. ومنها تقتنع البنت بوجهة نظر والدها أو يقتنع هو برأيها وفي كل الحالات يصلون معاً لخطوات متوازنة لا تضر أحد.

10_ أول حقوق الفتاة في الإسلام

تقول د .ملكة يوسف، أستاذة الشريعة الإسلامية،  أن الحق في اختيار الزوج هو أول حق أثبته الإسلام للفتاه في إنشاء الحياة الزوجية، وتقول: إن زواج البنت كرهاً من رجل لا تريده هو في حقيقة الأمر زواج باطل .

فمن شروط صحة الزواج الإيجاب والقبول بين الطرفين، وإذا كان الأب أو الأخ ينوب عن ابنته أو شقيقته في عقد الزواج فلا بد أن تكون الفتاة راضية وأن يعلم كل أفراد الأسرة بذلك .

أما إذا أجبرت الفتاة على الزواج ممن تكره فمن حقها أن تطالب بفسخ عقد الزواج أمام القضاء . بل إن بعض الفقهاء قالوا بحق المرأة البالغة الرشيدة في أن تزوج نفسها بمن تشاء شرط توافر الكفاءة فيه .

وليس لوليها حق الاعتراض عليها، إلا إذا زوجت نفسها من شخص غير كفء لها، أو كان مهرها أقل من مهر مثلها .

وتكمل حديثها بأن : لا يجوز للأب أو الشقيق أو العم إجبار الفتاة على الزواج لأن هذا هو العدل الواجب والحق الطبيعي الذي منحه الإسلام للمرأة . فالزواج حياة مشتركة وعلاقة فيها مقصد الدوام والاستمرار وليس لقاء عابراً ولا نزوة طارئة فأوجب الإسلام استئذان الفتاة قبل تزويجها فقال الرسول الكريم: لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟، قال: أن تسكت .

وبناء على ذلك فقد قرر الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن كل عقد يقع دون إذن المرأة هو باطل ومردود .

11- المصادر

بقلم : رنا شوقي