1-تعريف الطلاق وحكمه.

حديثنا عن كيفية الوقاية من الطلاق في الإسلام، يجعلنا نتطرق إلى تعريف الطلاق، وحكمه, والطلاق في اللغة يعني إزالة القيد، والإرسال, وقد جاء في اللسان: طلق زوجته: أي رفع عنها قيد الزواج.

أما عن الطلاق في الاصطلاح، فهو حل العصمة المنعقدة بين الأزواج، بألفاظٍ مخصوصة، وقد عرفه بعض علماء الحنفية، بأنه رفع النكاح في الحال، أو المآل، بلفظٍ مخصوص.

أما عن حكم الطلاق، فإن الفقهاء يرون بأن الأصل في الطلاق الكراهة، وأنه خلاف الأولى, وأبغض الحلال عند الله الطلاق, لما فيه من قطع الألفة، والمودة، والرحمة، كما أن ضرر الطلاق لا يقف عند المطلقين فحسب، بل إنه يمتد كذلك ليشمل العائلات، فهو من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى حدوث حالة من التنافر، والتدابر, فضلًا عن الآثار السلبية، التي يتسبب فيها الطلاق على الأولاد, فإنه من أخطر الأمور التي تؤدي إلي الانحراف، والانجراف في طريق الجرائم, والتسبب في حدوث العديد من الأمراض النفسية، والبدنية, ومن هنا علينا أن نتعلم كيفية الوقاية من الطلاق، والحفاظ على بيت الزوجية من الدمار.

2-الحكمة من تشريع الطلاق.

أما عن الحكمة من تشريع الطلاق، فهناك العديد من الحكم، التي قد أشار لها العلماء، واستنبطوها من كتاب الله – جل وعلا -، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -، ومن أبرز الحكم من تشريع الطلاق ما يلي:-

1-الحد من النزاع، والخلاف الحاصل بين الأسر، والجماعات، مما قد يترتب عليه من قطيعة الأرحام.

2-دفع ما قد يترتب من أضرار، ومخاطر، خاصةً بين الأولاد.

3-إعطاء فرصة أخرى للمطلقين، من أجل بناء أسرة، توفر لهم ما افتقدوه من الزواج الأول.

لكن دعنا نعلم بأنه ليس كل طلاق حلالًا, بل قد يكون الطلاق حرامًا, وذلك في ثلاثة أحوال، تتمثل فيما يلي: في فترة النفاس، أو في فترة الحيض، أو في طهرٍ، تمت مجامعة الزوج لزوجته فيه.

ومن هنا فقد أحل الله الطلاق، نظرًا لما يحقق مصلحة الطرفين، وذلك إذا انقلبت الحياة بين الزوجين، وتحولت إلى فسادٍ محقق، ولم يستطع أحد الزوجين، أو كلاهما الصبر على تلك المفاسد، والأضرار، التي قد حلت بالأسرة, وتحولت الحياة الزوجية إلى مفاسد غالبة، لا يمكن تحملها، ومن هنا لا يصبح للحياة الزوجية معنى، ولا قيمة, ولذا جعل الله الطلاق الخيار الأخير أمام الأزواج، ولكن بالطبع علينا إلى آخر لحظة، الحرص على: كيفية الوقاية من الطلاق، وحماية الأسرة، ولكن قد يكون الطلاق هو الحل الأخير أمامنا.

 

3-أسباب وقوع الطلاق.

لا شك أن هناك العديد من الأسباب، والعوامل، التي تؤدي إلى حدوث، ووقوع الطلاق, ولكن هذا لا يعني أننا نأخذ كافة الطرق، والاحتياطات، من أجل أن يكون حل الطلاق هو آخر الحلول، يسبقه التعرف على كيفية الوقاية من الطلاق، والحفاظ على الأسرة, ومن بين أسباب وقوع الطلاق التي أشار إليها العلماء ما يلي:-

-غياب المقاصد الأساسية في الزواج، والجهل بحقيقة الزواج، ومقاصده.

-استحضار دافع وحيد في طريق الزواج، ألا وهو الإشباع الجنسي، مع إهمال باقي الدوافع الأخرى.

-عدم التأهيل والقدرة على إعداد حياة زوجية صحيحة مكتملة، كزواج الصبيان السفهاء، الذين لا يعلمون حقوق الزوجية، ومن ثم لا يعرفون كيفية الحفاظ على عش الزوجية من الدمار, ومن هنا كثرت حالات الطلاق في العصر الحالي، في مختلف الأرجاء.

-ضعف الوازع الديني لدى الأشخاص, فمع العلم بأن أبغض الحلال عند الله الطلاق، إلا أنهم يتسرعون في هذا الأمر، دون النظر إلى عواقبه.

-سوء الاختيار منذ البداية، ويحضرنا في هذا قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ” تنكح المرأة لأربع، لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ” رواه البخاري، ومسلم.

-إهمال الواجبات الزوجية، والتخلي عنها.

-اختلاف نظرة الزوجين إلى الحياة، وغياب التواصل السليم بين الزوجين.

-وجود غيرة مفرطة بين الزوجين.

-غياب الحوار الأسري، مع اتساع دائرة الخلاف بين الزوجين.

-غياب التوافق العاطفي، والجنسي, مع فقدان معنى الرجولة الحقيقة.

-الجهل بحقيقة الدين الإسلامي الحنيف، والحكم التي حددها الشرع من الزواج.

-تحكيم المصلحة الدنيوية في الزواج.

-الخيانة الزوجية، وهي من أكبر أسباب حدوث الطلاق في المجتمع.

 

4-منهج الإسلام في الوقاية من الطلاق

في واقع الأمر، الدين الإسلامي الحنيف حث بشكلٍ كبير على الحفاظ على الأسرة، بكل الطرق، ومنع حدوث حالات الطلاق, ومن هنا فقد وضع الإسلام منهجًا حنيفًا، لأجل منع وقوع الطلاق، أو الحد منه, وقد جعل الله أبغض الحلال إليه الطلاق, ومن هنا، فمن خلال هذا المحور من الموضوع، سوف نتعرف على كيفية الوقاية من الطلاق، على حسب ما أشار إليه علماء الإسلام، ومن بين تلك المنهجيات ما يلي:-

أولًا:- الوقاية الزوجية, ويتأتى هذا من خلال الاختيار السليم لكلا الزوجين، كما ورد في الحديث الشريف، عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: ” إذا جاءكم من ترضون دينه، وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير ” ، وهذا الحديث رواه الترمذي، وغيره، وحسنه الألباني, وحديث: ” فاظفر بذات الدين تربت يداك ” فعلينا أن ننظر أول ما ننظر في الخاطب، والمخطوبة، إلى الدين، والخلق، فعلى هذا الأساس تبنى الأسر.

ثانيًا:- حسن المعاشرة الأسرية, وهي من المناهج الاحترازية للطلاق, فحسن المعاشرة لها دور أساسي في ديمومة الألفة، والمحبة بين الزوجين, والحفاظ على أواصر المودة، التي لها دور كبير في كيفية الوقاية من الطلاق، والحفاظ على أسرة مستقرة، ومتزنة, وقد قال الله – جعل وعلا -: ” وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ” النساء 19, فالله – جل وعلا – يحذر من التسرع في الطلاق، والاستعجال فيه, وأن الإنسان إن كره من زوجته شيئًا، فربما يتصور أن الأمور التي يكرهها سبب في حدوث الطلاق, فعسى أن يجعل الله في هذا الذي يراه شرًا الخير الكثير, وكما قيل: لعل الخير يكمن في الشر، ومن هنا جاء قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ” لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا، رضي منها آخر ” رواه مسلم.

ثالثًا:- جعل الطلاق ثلاثًا, وهو من منهج الإسلام في الحد من الطلاق، حيث جعل الطلاق ثلاثًا، ليس مرة واحدة فقط, حيث أنه يعطي الفرصة للمراجعة, فإن الرجل له الحق في مراجعة زوجته، طالما أنها في أشهر العدة، ولا يشترط موافقتها، أو موافقة الأهل، كما يفعل الكثير من الأشخاص.

رابعًا:- بقاء المطلقة في بيت الزوجية مدة العدة, حيث أن بقاء الزوج مع زوجته تحت سقفٍ واحد خلال فترة العدة، هي فترة كافية، من أجل التعرف على صواب قرار الطلاق من خطئه, فإن رأى خطأ القرار، فإنه يمكن الرجوع في قراره، ويراجعها، وبهذا قد حد الإسلام من سرعة حدوث الطلاق.

خامسًا:- الوعظ، والهجر، في حال النشوز, فإن المرأة التي تترفع عن الزوج، وترفض طاعته, وتريد أن تتسبب في إفشال الحياة الزوجية، فقد حث الإسلام الزوج على مناصحة الزوجة، وتكرار النصح، وإظهار الرغبة في البقاء على الحياة الزوجية, فإن استمرت في النشوز، فعليه هجرها في المضجع، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة الضرب الخفيف، ليعبر عن رفضه لتلك الحالة.

سادسًا:- الإصلاح بين الزوجين، من أهم الأمور التي شرعها الإسلام، من أجل الحد من الوقاية من الطلاق, ومن هنا، فقد قال – تعالى -: “وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ” النساء 35.

مراجع

1-القران الكريم.

2-صحيح البخاري ومسلم.

موقع إسلام ويب.

منهج الإسلام في الوقاية من الطلاق.

الإسلام سؤال وجواب.